القصة بسيطة لكنها عميقة الأثر وهي أن الناس رأت أحد الصالحين ينظف الميزراب على السطح في يوم صحو فسألوه ياشيخ لم تنظف الميزراب فأجابهم : غداً صلاة الاستسقاء .
نعم إنها الثقة بالله بلا حدود والإيمان القوي به والذي يتمتع به أمثال هؤلاء الناس الذين علينا أن نقتدي بأمثالهم وكنت قد أعددت مقالة واستشهدت بهذه القصة ولكن مشيئة الله جعلتني أفقدها لأعيد كتابتها من جديد فلقد كنت في بداية الثورة الليبية شاهدت الثوار قد رفعوا عَلَمَ الاستقلال منذ اللحظة الأولى وقد أنكرت ذلك وقتها فقلت لعلّ هذا مدعاةً للتقسيم فنحن تربينا على أن نشكك في أي شيء وأن نحذر منه
ولكن أحد الأصدقاء صوَّب لي قائلا ً :إن الأمر لايعدوا كونه إسقاطٌ لرمز الديكتاتورية الذي يرتبط هذا العَلَم به ولكني وبصراحة ظللت على موقفي خصوصا ً أن العلم يمكن تغييره لاحقاً بعد إسقاط أي نظام وبوجود برلمان جديد وحكومة جديدة ودستور جديد ولأن حبّ الوطن يجري منّا مجرى الدم فليس من السهل أن نستبدل راية ترعرعنا في ظلها بهذه السرعة .
ومع مرور الأيام وأنا أرى المظاهرات تخرج في سوريا وتحمل علم الاستقلال بدأت أعشق هذا العلم , وبدأ يأخذ بلُبِّي وكأنّ ألوانه وشكله تدغدغ مشاعري وكأني بدأت أتنفس عبق الحرية فقررتُ أن أجهِّز عدداً من الأعلام للاحتفال بعيد النصر القادم بإذن الله فقيل لي مابالك اليوم تريد ذلك وقد أنكرتَ من قبلُ وأنّى لك أن تعرف قرب هذا النصر فأخبرتهم ماتغير في نفسي وذكرتُ لهم قصة الشيخ مع الميزراب .
فالثقة بالله ليست أوهاماً ولا أحلاماً إنها عمق الإيمان وأن تحلم بتحقيق شيء هذا حق لك وأن تعمل لتحقيقه فهذا واجب وأن تثق بالله أنك ستحققه فهذا هو الإيمان والنبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة اتخذ كل أساليب الحيطة اللازمة والمتوفرة حتى إذا دخل وصاحبه إلى الغار والمشركون يتتبعونه وقد آيس سيدنا أبا بكر رضي الله عنه قائلاً لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لرآنا فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم ماظنُّك باثنين الله ثالثهما أليس هذا هو منهاج الإيمان الذي علمنا إياه نبينا المصطفى ألم يقل نبينا لسُراقة عندما تتبعه فلما وصل للرسول وانغرست قدما فرسه في الوحل فناداه رسول الله قال له: كيف بك إذ تسوّرت سواري كِسرى!! فقال سراقة: كسرى شاه شاه ؟، قال: نعم، فانصرف ( أي انصرف عنه سراقة ), ألم يُتَوفى النبي صلى الله عليه وسلم قبلَ أن تسقط بلاد فارس وقبل أن يتحقق قوله, والله لم يكن هذا وهما ًوإنما كمال الإيمان . فإذا لم نثق أن النصر قريب فلا نصر لنا .
منذ بدء الثورة السورية وهم يقولون ( خلصت ) معتمدين على البطش والقتل والإرهاب.
ونحن نقول ( خلصت ) معتمدين على الله وقوة الإيمان .
سألني أحدهم كيف تعرف قرب النصر وهل هناك إشارات فأجبته:
ألم ترَ إلى التبجح بالكفر علناً على القنوات ؟
ألم ترَ في دعاء المظلومين إشارة ودعاء المظلوم لايرد عند الله .
ألم تسمع دعاء المسلمين في العالم كله .
ألم ترَ البسمة على وجوه الشهداء أليست هذه إشارة بأنّا على الحق والحق منصور لامحالة .
ألم تر َ الحرائر من خلف الرجال يدفعنهم إلى الشهادة ؟
ألم تسمع عن الذي ترك زوجته وهي حامل ليخرج وهو يعلم أنه مشروع شهيد فاستشهد؟
ألم تسمع عن الذي ترك خطيبته وأخبرها أنه مشروع شهيد واستشهد بالفعل ؟
إذا رأيت كل أولئك الذين خرجوا مضحين بأنفسهم لايبتغون إلا وجه الله فاعلم أنّا منصورون بإذن الله .
والحديث القدسي يقول : أنا عند ظن عبدي في ّ فليظن بي ماشاء .
هذا هو ظننا بالله ويقيننا به أنّا منصورون وأن النصر قريب بإذن الله .
بقلم السيف الدمشقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
للتعليق