كلما مرت أيام الثورة وطالت يتساءل الناس ؟ إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال قتل وإذلال واعتقال وتشريد وإرهاب .
لقد تميزت الثورة السورية عن غيرها بأشياء كثيرة ولو أن الدافع لكل الثورات واحد فهي بحق الثورة الأصعب بين جميع الثورات.
أولاً : انطلقت هذه الثورة رغم عدم اقتناع الغالبية العظمى داخل سوريا وخارجها بأن الشعب السوري يمكن أن يتحرك لعدم وجود أي هامش للحريات فيها وعدم وجود أحزاب فاعلة خارج السلطة تستطيع أن تحرك أو تؤثر على الجماهير ( كتلك الموجودة في مصر مثلاً ) وللقوة الأمنية القمعية العاتية التي يتمتع بها النظام ويتفوق فيها على سواه ولدعم الدول الغربية للنظام وبسبب السيطرة الكاملة على كل مفاصل الحياة في البلد بصورة محكمة وفي النهاية للخنوع الذي كان يبدو أنه استحكم فينا نحن السوريون عامة.
ثانياً : جاءت حكمة الله البالغة بأن يقيض لهذه الثورة أطفالاً في درعا يواجهون هذا النظام والذي كان برأي الكثيرين قد أشعل هذه الثورة بغباءه وحمقه وتكبُّره مما دعا الأهالي للخروج دفاعاً عن أطفالهم وأبناءهم وكان ماكان وانطلقت شرارة الثورة وتفجر بركان الحرية في كل أرجاء سوريا .
ثالثاً : الدعم اللامحدود العربي والغربي لهذا النظام والذي لم نلقه في غيره من البلدان العربية الثائرة الأخرى ابتداءً من التصريحات التي تخدم النظام إلى إعطاء المهل تباعاً.
ولهذه الأمور كلها كان لهذه الثورة تميزاً عجيباً فالثورة في سوريا هي ثورة قيض لها الله وحده أن تقوم وهيئ لها الأسباب التي دفعت لهذه الثورة أن تنطلق ولذلك فقد أسميناها الثورة الكاشفة الفاضحة وهذه التسمية تشابه تسمية سورة التوبة في القرآن الكريم والتي تدعى أيضا السورة الكاشفة أو الفاضحة فالظروف التي تمر بها هذه الثورة تشابه الأحداث التي مرت بغزوة تبوك والتي بسببها نزلت سورة التوبة لفضخ المنافقين والمشركين وكشف أحوالهم.
· لقد أعلن النظام عن موافقته على المبادرة العربية بدون تحفظ ولقد فوجئ الناس بهذا القبول وتنفسوا الصعداء أملاً ,ولكني مع الكثيرين لم نشك لحظة أنها وسيلة بين الطرفين لإعطاء المهل للنظام للقضاء على الثورة وأنها ليست سوى مناورة من النظام في محاولة غبية لقلب الطاولة على الجميع وتفريق الجمع وكسب الوقت وانظروا إلى قوله تعالى في سورة التوبة :
كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (7) كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ (8) اشْتَرَوْا بِآَيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (9) لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ (10)
· وهنا أقول إن ماجرى ومايجري ليس الله بغافل عنه ولكن لكل أجل كتاب ولن ينصرنا الله قبل أن يكتمل الامتحان وانظروا إلى قوله تعالى في سورة التوبة :
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (16)
ومازال هناك الكثير من داخل سوريا الحبيبة غير مقتنع بالثورة وربما يكرهها أكثر مما يكره هذا النظام مع اقتناعه بفظاعته وشدة بطشه وهنا أتحدث عن الفئة الصامتة وليس عن
( المنحبكجية )هذه الفئة الصامتة التي تعتقد أنها تحب البلد وتخشى عليه ولهذا فهي تعارض الثورة وليست متعاطفة معها لهؤلاء أقول اسمعوا قوله تعالى في نفس السورة:
قُلْ إِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)
وهنا أيضا أقول للذين عتبوا على هذه الفئة الصامتة التي لم تناصر ولم تخرج ,فلنحسن الظن بهم فإن الله أدرى بهم فقد يكون الله قد هيأهم لمرحلة مقبلة ونرجوا الله أن لايكونوا مما قال الله عنهم في سورة التوبة :
إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ (45) وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)
نعم لقد كشفت هذه الثورة وفضحت وعرّت النظام أولاً وذلك من خلال المراحل المختلفة لهذه الثورة كما عرّت وفضحت الكثير من الشخصيات داخل وخارج سوريا سواء من السوريين أو من غيرهم ولاداعي لذكر التفصيلات في هذا , فلم يعد الأمر خافياً على أحد ولهذا أقول إن كان الله وحده من قيض لهذه الثورة أن تقوم فلانيأس من أن الله وحده القادر على ان يهيئ لها أسباب النجاح شاء من شاء أو أبى من أبى , شارك من شارك أو تخلف من تخلف , فهم من فهم أو تردد من تردد ولنردد في كل لحظة
مالنا غيرك يا الله .
بقلم السيف الدمشقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
للتعليق