الزلزال وهم أم حقيقة .. السيف الدمشقي

كنا قد سمعنا تصريحات تهدد بزلزال سوف يحدث بالمنطقة في حال تم الهجوم على سوريا فهل يحدث هذا الزلزال وهل هو حقيقي أم هو مزيج من الأوهام ؟

عندما بدأت الثورة في تونس وتبعتها مصر وليبيا ولم تكن الأحداث في سوريا قد بدأت بعد في سوريا قلت للبعض إن أي حاكم لو كان وطنياً ويريد أن يتجنب مايحدث فأسهل شيء عليه هو توحيد الداخل ضد العدو الأوحد أي إسرائيل والقيام بأي عمل عسكري ضد إسرائيل  فقالوا لي هذا بالتأكيد لن يحدث وسخروا منها باعتبارها من المستحيلات في ظل أنظمة كهذه.

وهنا أعود إلى مسألة الزلزال باعتبار أن نظرية الزلزال يفترض أن تعتمد بشكل رئيسي على ضرب إسرائيل ولكن هل يمكن لأحد أن يصدق هذا بعد تصدع إن لم يكن انهياراً للجبهة الداخلية للنظام .

وفي مقالتي الأخيرة بعنوان تحطيم الأوهام قال أحدهم معلقاً  كفى أحلاماً وأوهاما ً مازال الأمر يحتاج إلى وقت , نعم الأمر مازال يحتاج إلى وقت وعندما تحدثت عن ساعة الصفر فلم أكن أعني نهاية الأمر بل كنت أعني الإعلان عن بداية التحرك بشكل فاعل وبصورة ظاهرة .

فالساحة يتم إعدادها بشكل هادئ ومتقن وإن بدا لنا الأمر بطيئاً ومترنحاً فهذا بسبب تعقيدات الوضع السوري وجغرافيته وليس خوفاً من الزلزال المزعوم وهو يندرج فيما كنت ذكرته سابقاً بسياسة الحصار وليس الحصر لأن التغيير في سوريا سوف يؤدي بالتأكيد إلى منعكسات على كل الدول المحيطة والمنطقة برمتها لذا تحاول الدول المعنية بالأمر التكاتف والتعاضد لسد الثغرات المحتملة وتحقيق مصالح تلك الدول وبغض النظر عن أعداد الشهداء والجرحى والمعتقلين المتزايدة في كل يوم يمضي لأنه من الممكن أن يصبح الأمر أسوأ في حال حصول أي تضارب في هذه المصالح .

والكل يتحدث عن التدخل الخارجي ولكن حتى الآن لم يستطع أحد أن يتحدث بلغة محددة ونهائية عن هذا التدخل وماهيته وأشكاله فالتدخل بمفهومه السياسي واقع فعلاً ومن كل الدول المؤيدة للنظام أو المؤيدة للمعارضة فروسيا تتدخل لصالح النظام ومنذ بدء الثورة وإيران تتدخل بل حتى لبنان يتدخل ناهيك عن أوروبا وأمريكا والدول العربية والخليجية تحديداً.

ولكن مايتم التركيز عليه الآن هو التدخل الخارجي بمفهومه العسكري وهنا الكل مجمع على أن التدخل العسكري على الأرض مايعني دخول قوات دولية برية غير مقبول ومن كل الأطراف وينحصر حديث المعارضة عن حظر جوي وإقامة مناطق عازلة وحماية المدنيين بدون الإعلان عن الكيفية وفرنسا تتحدث عن ممرات آمنة وروسيا تطلب منها إيضاحات.

وليس غريباً أن أكثر من يتحدث عن التدخل العسكري رغم كثرة تصريحاتهم وتأكيداتهم أن سوريا ليست ليبيا هو النظام نفسه وعبر قنواته وأبواقه وكأنهم يتمنون أن يحصل هذا الأمر لعله يفيدهم في إثبات نظريتهم عن المؤامرة بل بدؤوا خلال الأيام الماضية في نشر مقالات عن القدرات العسكرية للجيش وعن العمليات النوعية والإنجازات على الأرض وعن سيناريو مايسمى بسيناريو القيامة وعن قدرتهم عن إطلاق مالايقل عن خمسمائة صاروخ يومياً على إسرائيل ومع كل هذا لم نجد إسرائيل تتخذ من الإجراءات مايجعلنا فعلاً نصدق أنها على وشك تعرضها لأي هجوم فباستثناء الجدار الالكتروني في الجولان والذي قامت بإنشائه ليساعدها في الحماية من إمكانية التسلل لم نسمع شيء وكأنها تبدو مطمئنة تماماً وهي كذلك فعلاً فهل يمكن لروسيا الحليف للنظام أن تسمح له بالهجوم وإطلاق الصواريخ على إسرائيل ناهيك عن بقية الدول الأوروبية وأمريكا ؟ .

روسيا والصين تحفظتا على قرار إدانة سوريا في الأمم المتحدة بينما اسرائيل صوت ضد القرار واسرائيل تخشى من المستقبل البعيد القريب وهو وصول قوى إسلامية إلى الحكم في سوريا وهو نفس تخوف الجارة العراق وبالتالي إيران.

و مايحدث الآن فعلياً هو تحريك إيران لخلاياها في الخليج العربي واليمن واستعدادات للجيش السوري لمواجهة هجوم مكثف من قبل الجيش الحر عبر المناطق الحدودية مع تركيا وربما الأردن بالإضافة إلى استمراره مع الأمن والشبيحة بمحاصرة واقتحام المدن والقرى الثائرة .

فإذا نظرنا إلى فرصة الجامعة الجديدة للنظام للتوقيع على البروتوكول وانشغال العالم بأحداث مصر مع تصريح وزير الخارجية السعودي عن إمكانية طرح مبادرة على غرار ماحصل في اليمن وهو مايعني استمرار الدعوة للخروج الآمن قبل الإعلان عن الدخول في الحلول الأخرى لكن استهتار النظام بها وعدم الرد في الموعد يشير إلى ارتباك وربما بدء تصدع في الدائرة الضيقة في صنع القرار.

هذا بالإضافة إلى تسريب إشاعات عن قرب الإعلان عن تنحي الرئيس ونشر مقالات عن شخصيات من الطائفة العلوية تعرضوا للتنكيل والقمع من قبل النظام نفسه يعني أن تغيرات وتحولات يمكن أن تطرأ في الأيام القادمة بالتزامن مع مايجري استكماله على الأرض وهذا يعني أن الدائرة المغلقة التي أدخل النظام نفسه فيها والتي لم يعد بإمكانه الخروج منها قد تكون هي الزلزال بعينه .

بقلم السيف الدمشقي