الاثنين، 30 يناير 2012

الحرية قربت فلاتكونوا آخر الصف .. السيف الدمشقي



عندما كنّا في المدرسة صغاراً نقرأ عن المحتل الفرنسي كنت دائماً أسأل نفسي كيف كان شكل هؤلاء الأبطال الذين كانوا يخرجون ليتحدوا قوة عسكرية هائلة ودولة من أقوى الدول في تلك الفترة  , كيف استطاع رجال سوريا ومن خلفهم بالتأكيد أمهات وأخوات أن يطردوا المحتل الفرنسي ويجبروه على الانسحاب الكامل بعدة قليلة وسلاح بسيط ؟
هذا المحتل الذي لم يصمد في بلادنا كما صمد في بقية الدول الأخرى التي احتلها فكانت فترة احتلال سوريا من أقل الفترات والذي استمر أكثر من عقدين من الزمن .
كانوا يخرجون في مظاهرات لايهابون فيها المستعمر ولابطشه ولاتهديداته وكان هناك ثوار يهاجمون أيضاً القوات الفرنسية  بعدة قليلة وبسيطة كنت أقول هل يمكن أن يحصل هذا عندنا يوماً ؟!!
هل يمكن أن تخرج عندنا مظاهرات ونحن لم نتعود طوال حياتنا في المدارس والجامعات سوى أن نساق إلى المسيرات المؤيدة ثم نهرب أو نتهرب منها في أول فرصة سانحة , كنت أحلم  أن نثور على الظلم , أن نثور على الفساد , أن نثور على الطغيان والجبروت , أن نتمرد على واقع ألفناه على واقع تكميم الأفواه حتى ظن الكثيرون وللأسف مازال البعض كذلك حتى الآن يعتقد أنه قدر محتوم لامناص منه .


كلا وألف كلا.. والله لم ولن يكون قدراً محتوماً بل هو الطريق الذي نسلكه ونختاره
وهي العقيدة والإيمان التي أخرجت الثوار ضد المحتل الفرنسي فأجبرته على الرحيل مهزوماً ولن يخرجنا من المحتل الأسدي إلا نفس العقيدة والإيمان
 الإيمان بالله والإيمان بأن الظلم لايمكن أن يزول إلا بإيدينا يزول عندما تتحرر عقولنا من الخوف المزروع فيها.

هذا الخوف وهذه العقلية التي سادتنا طوال عقود والتي مازلنا نتحرر منها منذ بدء الثورة وحتى الآن وإن كان يؤلمني جداً أن أجد أحداً من أقاربي أو معارفي مازالوا حتى اللحظة يعتقدون بما يقوله ويروجه النظام عن المؤامرة الكونية وماتروجه لهم القناة الدنيئة والقنوات الرسمية السورية وهنا لا أقصد من ينتمي إلى النظام من الشبيحة أو المنحبكجية بل أقصد الفئة الصامتة هؤلاء الذين ربما يعتقدون أنّ من سيحكم سوريا في المستقبل سيكون أسوأ لأنهم لم يعرفوا ولايريدون أن يعرفوا ودون أن يكلفوا أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة بالأحرى هم اختاروا أن لايعرفوا الحقيقة أولئك الذين يحملون تلك العقلية متمترسين وراء آراء وفتاوى أصحاب العقول المتحجرة والفاسدة المرتبطة بالنظام حتى أن أحدهم امتنع عن قراءة رسائلي ومقالاتي ومنع زوجته من ذلك خوفاً من أن تتحول بشكل كامل إلى صف الثورة فتنغص عليه حياته كما يعتقد
إنها فعلاً من عجائب هذه الثورة اكتشاف أمثال هؤلاء في حياتنا عرفناهم ولم نعرفهم بل عشنا معهم ولم نعرفهم لم يتذوقوا طعم الحرية ولايريدون حتى أن يتذوقوها حالهم كحال شخص يرى إخوته وأصدقاؤه في حوض السباحة ووقف خارج الحوض يتأمل بهم وهم يدعونه تعال وادخل معنا تعال ونحن سنعلمك السباحة تعال فقط ادخل في المنطقة الآمنة فيقول لهم  لا لا دعوني أنا مرتاح هكذا أنا آمن من الغرق سأقف وأتفرج عليكم .
نعم يؤلمني ويطعن في قلبي ذلك الأمر أكثر مما أرى من بطش أولئك الذين يقتلون ويعذبون ويعتقلون ويرهبون الناس.

أمثال هؤلاء أقفلوا عقولهم وأغمضوا عيونهم وأسلموا أنفسهم واستسلموا حتى أصبحت قلوبهم كالحجر لا يرف لهم جفن ولا نرى لهم دمعة على من يتساقط من الشهداء متعامين عن ابتسامات شفاههم بل الأنكى من ذلك هناك من يعتقد منهم أن هؤلاء الشهداء من المتظاهرين ذهبوا ضحية غباءهم حسب قولهم بالعامية ( راحوا من كيس حالهم ) ومع أننا لسنا نزكي على الله أحداً فهؤلاء هم عند الله في أعلى مراتب الإيمان إن أمثال هذه الفئة وهم للأسف موجودين بيننا وربما سنجد منهم في كل عائلة سورية هؤلاء هم أحد - وأشدد على كلمة أحد - أسباب تأخر النصر الذي لن يقف عند هؤلاء بالتأكيد أولئك الذين قعدوا عن نصرة إخوتهم ومنهم من ضنَّ حتى بدعاء جلسوا بعيداً آمنين كأن الذي يُقتل ويُعتقل ويعذب ويهان هو من كوكب آخر وليس أخوه أو ابن عمه أو جاره أو صديقه أو ابن وطنه كأن الذي يقتل هو من إسرائيل وليس من سوريا يخافون بزعمهم على الوطن على اقتصاده على مؤسساته ولم يدركوا أن قطرة دم تراق أغلى من كل الوطن وما فيه كم هو الفارق الكبير بينكم وبين تلك الخادمة الإثيوبية التي تحدث عنها الدكتور عبد الكريم بكار في آخر مقالاته والتي تبرعت وشاركت بمبلغ زهيد لنصرة الثورة السورية وهي في بلد آخر ولاتعرف أحداً من السوريين إلا العائلة التي تعمل عندها لم تفكر بمن يقتل هل هو من بلدها أو من غير بلدها هل هو من دينها أو من غير دينها ولكني أقولها لهم سامحكم الله وهداكم وأنار بصيرتكم وعقولكم ولئن رضيتم لأنفسكم أن تعيشوا وأولادكم تحت الذل والمهانة والخوف إن رضيتم لإخوتكم هذا فهذا شأنكم سيأتي اليوم الذي تنضمون فيه ولكن انضمامكم عندها سيجعلكم في آخر الصف فكما في الصفوف الدراسية متفوقون وجيدون ومتوسطون وكُسالى ففيه في النهاية ناجحون وراسبون

 ولهذا نقول إنّنا ماضون معكم ومن دونكم ماضون فلاتكونوا آخر الصف
نعم ماضون  بهمة وتضحية وعزيمة الأحرار وبعقيدة وإيمان بالله عظيم مهما طالت الفترة ومهما اشتد الخطب ومهما آلمتنا الأيام ومهما خذلنا المتخاذلون ومهما جبن الجبناء مادام معنا هذا السلاح سلاح الله أكبر ولئن سقطتم اليوم من أعيننا فاعلموا أن السقوط أمام عين الله أبشع وأقسى وسننتصر بإذن الله والحرية قربت نعم الحرية قربت .

عاشت سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من عند الله .
بقلم السيف الدمشقي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتعليق