حوار مع أول إعلامي منشق يونس اليوسف ..مجلة الشراع
هكذا نفبرك الاكاذيب ونندس بين المتظاهرين
*كل ما يملكه محمد حمشو لماهر الاسد وكل ما يملكه رامي مخلوف
لبشار
*كنا نسأل الناس عن وجود تظاهرة ضد النظام فينفون اذ لا يريدون
التحدث مع احد من خوفهم
*كان رجال الامن في تركيا يعطوننا كاميرات امنية لتصوير المعارضين
وتسليم الصور الى الاجهزة الامنية السورية
*كنا ندخل بين المتظاهرين لنصور ونرسل الصور الى الامن ليكشف
النشطاء ويلاحقهم
*كنا نصور بعيداً عن التظاهرة لتبدو الامور هادئة
*شاهدت احد عملاء الامن في جسر الشغور يحرض على اقتحام مفرزة
الامن وقتل من فيها لإظهار ان التظاهرات هي لعناصر تخريبية
*كان مبرر هذا التحريض هو احداث مجزرة تبرر دخول جيش الاسد الى
المنطقة التي كانت محرمة عليه منذ اتفاقية أضنة مع تركيا
*عناصر الامن المندسة أعملت القتل بعناصر المفرزة وتم تقطيع الجثث
بهمجية بهدف تصويرها وايصال الصور الى العالم
*دخلت في الدبابة الاولى الى جسر الشغور فلم اجد انساناً بل حمار
في الطريق وضعت عليه صورة لبشار
*الجيش السوري دخل المدينة بعد ان هرب الناس منها فدمر وقصف وأحرق
وخرب لنصور كل هذا ونعرضه في قناة ((الدنيا)) ليقول بشار للعالم ان التظاهرات
بقيادة مخربين
*في اليوم التالي امتلأت جسر الشغور بالناس الذين أحضروا من القرى
العلوية المحيطة بها
*أرسل كثيرون الى مخيم اللاجئين في تركيا للحصول على معلومات ثم
العودة الى سوريا لنقول للعالم ان السوريين عادوا الى بلادهم
*كانت قناة ((الدنيا)) وحدها المسموح لها ان تدخل المخيم لتصور
عائلات ارسلها النظام ليتحدثوا زوراً عن عمليات اغتصاب حصلت في المخيم وكان هذا
كله مفبركاً
*كانت دبابات وعربات جيش الاسد تحمل جثث الشباب الذين قتلهم الامن
والشبيحة وترميهم في حفر كبيرة
*قبل دخولنا الى اي منطقة نطلب من مندوبينا فيها وكلهم من الامن
ان يهيئوا الهتيفة ليهتفوا للجيش ولبشار
*كان الهتيفة يحملون من قراهم واحياناً يكونون جنوداً يتم تغيير
ملابسهم بسرعة لتصويرهم وهم يهتفون ثم يعودون الى مواقعهم ومعظمهم من العلويين
*احد الضباط جاءه اتصال عن وجود كمين فلم يمنعوه وقال لي: اذا لم
يقتلونا فكيف سنقتلهم؟
*هناك تعمد ان يقتل في الكمائن علويون ومسيحيون كي يتم تحريض
اهاليهم ضد الثوار تمهيداً لحرب طائفية
*وجدنا في معمل السكر في جسر الشغور الذي هو مركز اعتقال وتعذيب
عشرات النساء يبكين ويدعين على بشار وأولاده
*حارس المعمل قال لي لماذا لم تأت بالأمس والشبيحة والجنود
يغتصبون النساء ويلزمونهن بالبقاء عاريات
*استخدم رجال الاسد فرامة الشمندر في تقطيع اجساد المتظاهرين
*نوفل الحسين كان شريكاً في جرائم النظام ضد اهل جسر الشغور في
الثمانينيات وكان ملازماً اول وهو اليوم برتبة عميد يمارس العنف نفسه ضد اولاد
ذاك الجيل
*في مركز نوفل محرقة يرمى فيها الرجل لتحرقه وهي احدى هدايا
النظام الايراني
*في فرع ادلب شاهدت الامن يعذب طفلاً في السابعة من عمره امام
والده لإلزامه على الارشاد عن المسلحين ثم عرفت ان الطفل قتل وان والده اعترف بأن
الذي قتل ابنه المسلحون
حوار: حسن صبرا
في حوار هو الاوسع مع اول منشق عن إعلام بشار الاسد الممثل بمحطة
((الدنيا)) التي يملكها احد ابناء محمد حمشو، تحدث يونس اليوسف بالتفصيل عن
فبركة الاكاذيب والتجسس على المتظاهرين، وعن عمليات التعذيب وفرم المعتقلين في معمل
السكر، وحرق اجسادهم في محارق قدمتها ايران هدايا للامن السوري.
يكشف اليوسف مشاهدته لقيادي من حزب الله اسمه ع.ص. كان بكامل
اسلحته ينسق وعناصره مع الامن السوري.
كما يقدم شهادات عن رئيس الاركان السوري فهد الجاسم يعترف فيها
بقتال حزب الله مع الامن السوري.
قناة ((الدنيا)) لصاحبها محمد حمشو المحسوب على ماهر الاسد..
ورامي مخلوف تابع بشار.
كل ما يملكه محمد حمشو هو لماهر، وكل ما يملكه رامي مخلوف هو
لبشار.
محمد حمشو مع ملكيته لقناة ((الدنيا)) يملك مصنعاً للسيارات بناه
الايرانيون، والشرق الاوسط للمقاولات..
بداية الثورة كان لدي محل تصوير وآلات مراقبة، وتصوير اعراس.
كان لـ((الدنيا)) مراسل في ادلب وليس لديهم مكتب تصوير فكنا نصور
لـ((الدنيا)) مواد يتسلمها المراسل صالح الاكتع.
بداية الثورة حدثونا في ادارة ((الدنيا)) – عماد سارة وفراس دباس
– عن تعرض سوريا لمؤامرة كونية ضخمة تبدأ من بندر بن سلطان الى سعد الحريري الى
عبدالحليم خدام، الى الاسرائيليين الى الاميركان.
قدموا لنا خارطة تقسيم سوريا الى دويلات وأسمعونا اتصالات مزعومة
بين بندر والحريري، وان الاول طلب من الثاني تحويل سوريا الى صومال ثانية..
لم أكن سياسياً او معارضاً، وأقنعونا بداية ان هناك مؤامرة واننا
يجب ان نكون جزءاً من التصدي لها.
كانوا يبلغوننا عن تظاهرة في المكان الفلاني ظهرت صورها في محطة
((العربية)) او ((الجزيرة)).. فكنا نهرع لتصويرها ولا نرى شيئاً، فقد كانت
التظاهرات في البداية صغيرة ومختصرة، ويتم قمعها فوراً.
كنا نسأل الناس عن وجود تظاهرة ضد النظام فينفي الناس حدوثها..
فالجميع مرعوب ولا يريدون التحدث مع احد من خوفهم.. والتظاهرات كانت تتم تحت
بصرهم وسمعهم.
تكررت هذه المسألة كثيراً في كل سوريا خاصة ان التظاهرات كانت
تخرج بعد صلاة الجمعة من كل اسبوع، واحياناً في بحر الاسبوع.
الى ان شاهدت اول تظاهرة كبيرة في ادلب حيث تجربتي كلها، ما عدا
يومين في حماه في اليومين الاولين من رمضان.
كانت اعداد التظاهرة ضخمة جداً، وشاهدت الامن يقمعها بإطلاق
النار مباشرة على رؤوس المتظاهرين وصدورهم.. ارسلت الشريط الى ((الدنيا))..
لكنها لم تنشر الصور ابداً.
جاء القرار ان نتوقف عن تصوير التظاهرات لأن هؤلاء كلهم مخربون..
رغم انني كنت ضد التظاهرات وضد التخريب.
تنسيق سوري – تركي
للتجسس على المعارضين
بدأوا بإرسالنا الى مؤتمرات خارج سوريا.. وكلها مؤتمرات المعارضة
وكلها في الشهر الخامس وفي تركيا.. كانت آلات التصوير مخفية وصغيرة وهي عبارة عن
اقلام وأزرار وساعات كانت كاميرات امنية يزودنا بها رجال الامن لتصوير المعارضين
في مؤتمرات علماء الدين، والانقاذ وانطاليا..
كان رجال الامن الاتراك يعطوننا هذه الآلات لتصوير المعارضين
لتسليمها الى الاجهزة الامنية السورية، وكان هذا جزء من التنسيق بين اجهزة امن
سوريا وتركيا، حيث الاغلبية الساحقة من العلويين سواء في النظام السوري او
النظام التركي.
كان يوم 20/5/2011 الاكثر دموياً في محافظة ادلب في الصنومة
ومعرة النعمان، كان الجميع قرر التوجه الى قلب المدينة، وتصدى الامن لهم وسقط 13
مظلوماً.
كانوا يؤمنون لنا سيارات الاسعاف والهلال الاحمر السوري، وكنا
ندخل بين المتظاهرين لنصور ونرسل الصور الى الامن ليكشف النشطاء ويلاحقهم.
وفي الوقت نفسه كنا نتلقى تعليمات ان نصور حيث تنتهي التظاهرات
او نهايتها.
فمثلاً.
كنا نصور ايام الجمعة الناس وهي خارجة من المسجد لعشرين ثانية
قبل بدء التظاهرة لتبدو الامور هادئة تماماً.. ولكن الجموع بعد ان تخرج من
المسجد بأمتار كانت تجتمع لتبدأ هتافاتها ضد بشار والنظام، وهذا لم نكن نصوره
ابداً.
وكنا نصور خارج وبعيداً عن التظاهرة لتبدو الامور هادئة تماماً.
كنا نصور الفراغ بعد مرور التظاهرة لتبدو الشوارع فارغة.. وكله
تكذيب ورد على ((الجزيرة)).
في 20/5/2011
كانت علاقتي قوية بالامن، حيث كان لي صداقات مع اكبر الضباط ايام
احتلال لبنان، كذلك مع السياسيين اللبنانيين منهم محسن دلول.
اول مهمة تصوير لي خارج المنطقة كانت في جسر الشغور وكانت برئاسة
العميد نوفل الحسين وهو ضابط شيعي من احدى قرى ريف حمص (البياضة) وهو رئيس فرع
الامن العسكري في ادلب.
كان اهل جسر الشغور يحاصرون المفرزة وتضم 120 عنصراً، وكان
مطلوباً مني تصوير امني للمتظاهرين عبر اجهزة تصوير سرية كما شرحت اي عبر
الازرار والساعة والقلم.. وكان كل مصور او مسعف او حتى بائع كعك متعاوناً مع
الامن مزوداً بهذه الاجهزة السرية لتصوير النشطاء تمهيداً لملاحقتهم واعتقالهم
من اجهزة الامن.
كانت اعداد الجمهور المحاصر للمفرزة ضخمة جداً.. وفجأة شاهدت
بينها احد عملاء الامن وهو يحرض ويطالب باقتحام المفرزة وقتل من فيها بتكليف من
الامن لاظهار ان التظاهرات هي لعناصر تخريبية.
كانت عناصر أمن الدولة قد أخرجت دون قتل احد شرط ترك سلاحهم،
وكذلك الامن السياسي.
انتشر السلاح بين ايدي الناس ليس فقط من اسلحة المفارز التي سمح
لها بالخروج شرط تسليمه.. بل ان هذا العنصر الامني الذي كنت أعرفه شخصياً كان
يبيع السلاح..
كان ثمن القطعة في الايام العادية يتجاوز الالف دولار.. لكن هذا
العنصر الامني المكلف باع القطعة بمئة دولار لتوزيع السلاح على اكبر عدد ممكن من
الناس.
كانت كاميرتي السرية تحتاج الى شحن.. وكانت الناس تعتقد ان
النظام سقط فتوقفت عن التصوير بسبب انتفاء الحاجة له.
أتاح لي التوقف عن التصوير مراقبة العناصر الامنية المندسة بين
المتظاهرين لتحريض الناس على التخريب، فراح احدهم يهتف بضرورة تدمير المفرزة على
من فيها او احراقها يساعده عناصر امنية اخرى تظهر تطرفاً، وتدعو الناس للتحرك
لأن النظام سقط ويجب قتل الذين كانوا يعذبونهم ويسرقونهم ويهينونهم..
كان مبرر هذا التحريض هو احداث مجزرة لتبرر دخول الجيش التابع
للاسد جسر الشغور لأنها كانت منطقة محرمة على دخول الجيش منذ اتفاقية أضنة مع
تركيا عام 1998 التي تمنع دخول القطعات العسكرية بآلياتها الكبيرة الى المناطق
الحدودية.. والمسافة بين جسر الشغور وتركيا لا تتجاوز الكلمتر الواحد خط نار، او
5 كلمترات سيراً على الاسفلت.
تم تفجير المفرزة وقتل فيها 120 شخصاً من عناصر المفرزة كما أعلن
النظام، كما قتل عدد كبير من المساندين من جماعة الاسد.. وهؤلاء اخفى النظام
اعدادهم.
كانت اغلبية القتلى من عناصر المفرزة من العلويين بما يتجاوز
الـ70%، لأن الامن السوري يكاد يقتصر على العلويين.
عناصر الامن المندسة أعملت القتل بعناصر المفرزة، كما تم تقطيع
الجثث، بهمجية بهدف تصويرها لإيصال الصور الى العالم بأن عناصر مخربة هي التي
تقود الثورة.
في هذه الفترة زار رئيس مجلس العلاقات الاستراتيجية السوري –
التركي حسن التركماني، انقرة وعقد اجتماعات مع المسؤولين الاتراك.. حاملاً معه
صوراً عن المجزرة ليبرر طلب السماح للجيش السوري التابع للاسد بالدخول الى جسر
الشغور.
استمع الاتراك الى شرح تركماني وشاهدوا صوره، فما كان امامهم
الاّ السماح بدخول الجيش الاسدي الى المدينة، فتم هذا بعد اسبوع وهنا كانت
المفاجأة.
دخلت في الدبابات الاولى.. ولم نجد في جسر الشغور اي انسان.. بل
وجدت في الطريق حماراً وضعت عليه صورة لبشار.
وصلنا الى حيث التقيت اللواء فؤاد حمودة الذي قال لنا ارتاحوا
اليوم، لا تصوروا شيئاً.. وغداً سترون ما تصورونه.. وسترون وسائل اعلام روسية
وتركية تدخلون معهم للتصوير.
اين الناس؟.. الجميع اختفى.. كانت المظاهر عادية لا تخريب لا
حرائق، لا دمار.. لكننا بعد يومين من الانتظار جلنا من جديد في جسر الشغور فإذا
بها خرابة كاملة، وحرائق وتدمير وجثث في كل مكان.
تساءلت بيني وبين نفسي.. كيف تم هذا؟
لقد دخلنا المدينة مع الجيش وكانت هادئة فارغة لا حرائق لا تدمير
لا خراب.. كيف تم هذا كله.
انه الجيش السوري التابع للاسد الذي دخل المدينة بعد ان هرب
الناس منها.. فدمر وقصف وأحرق وخـرّب لنصور نحن كل هذا ونعرضه في قناة
((الدنيا)) ليقول بشار للعالم ان التظاهرات هي بقيادة مخربين.
حمل الجيش الاسدي المصورين الاتراك والروس ليصوروا الخراب الذي
أحدثوه على انه تخريب المتظاهرين.
أصبت بالصدمة فسألت العميد علي رضا.. ما الذي حصل لقد كنا هنا
منذ يومين، ولم يكن هناك اي تخريب سوى عند المفرزة الامنية، فردّ علي بتهكم: لقد
هاجمنا مسلحون وردّينا عليهم فحصل هذا الذي تراه.
عندها بدأت اهدىء من اندفاعي.. اين المؤامرة؟.. زاد الامر عجباً
ان جسر الشغور امتلأت في اليوم التالي من التخريب بالناس.. من اين اتى هؤلاء
وكلهم من خارج جسر الشغور.. وأنا اعرف الناس لأن أمي وأخوالي منها..
انهم من سكان القرى العلوية المحيطة بجسر الشغور.. من اشتبرق،
جورين.. ومن قرى مؤيدة للنظام.. راحوا يهتفون الله محيي الجيش.. هؤلاء مخربون.
الامن بالاتفاق مع تلفزيون ((الدنيا)) شريك كبير من خلال ادارته
في المؤامرة على الشعب السوري.
أرسل اهالي كثيرون الى مخيم اللاجئين في تركيا للحصول على
معلومات، ثم العودة الى سوريا لنقول للعالم ان السوريين عادوا الى بلادهم.. اما
من بقي داخل المخيم فهو اصبح رهينة عند الاتراك، لا احد يستطيع الدخول اليهم.
كانت قناة ((الدنيا)) التي هي شريك مؤامرة النظام ضد الشعب
السوري، هي وحدها المسموح لها ان تدخل الى المخيم، لتصور عائلات ارسلها النظام
ليتحدثوا زوراً عن عمليات اغتصاب حصلت في المخيم وكان هذا كله مفبركاً.. وكان
المخيم وما زال محرماً على وسائل اعلام العالم كله.
المهم انه حتى اليوم 18/2/2012 لم يعد الى جسر الشغور اكثر من
20% من سكانها، والباقي هارب داخل وطنه او في مخيمات اللاجئين في تركيا.
المقابر الجماعية
كجزء من الفبركة التي تولى تلفزيون ((الدنيا)) تقديمها للناس،
كان ما يسمى المقابر الجماعية.
كنا نرى دبابات وعربات جيش الاسد تحمل الجثث للشباب الذين قتلهم
الامن والشبيحة وترميهم في حفر كبيرة صنعتها عناصر الامن ليرموا الجثث فيها ثم
يتم ((الكشف)) عنها فجأة ليتم تصويرها على انها مقبرة جماعية نفذتها عناصر مخربة.
لم يكن أمن الاسد مهتماً حتى بالاخراج، لأنه بعد تصوير جثث
المقبرة الاولى كان يحملها الى مقبرة اخرى اكبر ليزعم ان المقابر متعددة، وان
الاولى كانت تضم 10 جثث والثانية كانت تضم 20 جثة والثالثة وهي الاكبر كانت تضم
نحو 100 جثة (اكثر او اقل) وكانوا ينسون ان ملابس القتلى هي نفسها بين المقبرة
الاولى والثالثة.. ثم ان المقبرة الثانية المزعومة هي نفسها المقبرة الثالثة لم
يغيروا مكانها حتى .
كانت فبركة مضحكة مأسوية تجعل الانسان يتقيأ من قرف المنظر
والاخراج والسخرية من البشر.
فقد أحضر الامن السوري وسائل الاعلام والدبلوماسيين الاجانب
ومنهم السفير الاميركي روبرت فورد كي يظهروا لهم المقبرة التي ارتكبها المخربون
وهي فبركة النظام..
تهيئة ((الهتيفة))
كنا قبل الدخول الى اي منطقة وطبعاً في دبابات الجيش نطلب من
مندوبينا فيها.. وكلهم من الامن ان يهيئوا الهتيفة كي نصور مشاهد مثيرة، وهي
تهتف للجيش وبشار.
والمضحك ان الهتيفة لم يكونوا يوماً من اهل المدينة او البلدة او
المنطقة.. فقد كان الهتيفة يحملون من قراهم واحياناً يكونون جنوداً يتم بسرعة
تغيير ملابسهم، للتصوير وهم يهتفون ثم يعودون الى مواقعهم.. ومعظمهم من العلويين.
الاعلام السوري كله.. امن.
تحضير المسيرات
كان مسؤول شعبة الامن في المدينة يتصل بالمحافظ او رئيس البلدية
اذا كانت البلدة صغيرة او كبيرة ليطلب منه تجهيز الناس وتوزيع الاعلام وكتابة
اللافتات وصور بشار وحافظ، وإبلاغهم ساعة التجمع ومكانه.
كان الحضور هم الموظفون في كل الدوائر.. والنقابيون في كل
الاتحادات، وطلاب الجامعات او الثانويات، واتحادات النساء والفلاحين وشبيبة
الثورة وطلائع البعث.. وعمال المصانع والشركات والمخازن.
ويمكن جلب هؤلاء من كل القرى والبلدات والمدن المحيطة والقريبة
من ساحة التجمع والتظاهر..
وكان المال يصرف بسخاء على المنظمين والهتيفة ورافعي الصور
ومرددي الشعارات والذين يحملون على الاكتاف والذين يحملونهم.. كان الجميع في
مهرجان فيتوقف العمل ليصبح يوم اجازة مدفوعاً مرتين، الاولى من الراتب والثانية
من الهتافات والمشاركة لمدة نصف ساعة او ساعة يعود الجميع الى بيوتهم ومناطقهم.
لم يكن احد ليجرؤ على التغيب، ففي كل ادارة هناك من يسجل الاسماء
وهو يعرف موظفيه ويجمعهم في مكان محدد، ويراقب كيف يتفاعلون في التظاهرة، بحماس
او بفتور، ويحرضهم دائماً على الهتاف والحماس عندما تقترب آلات التصوير من
وجوههم.
الكمائن
كنت اجلس مع العميد العلوي احمد عوض، فجاءه اتصال هاتفي، فقال:
احترامي سيدي بما يدل على ان محدثه برتبة اعلى.
سمعته يتحدث عن كمين معد لثلاث حافلات، ستمر الساعة الحادية عشر
صباحاً، وان كل شيء جاهز للمواجهة.
بعد انتهاء المكالمة سألت العميد قائلاً: يا ابو حسين طالما انتم
تعلمون عن الكمين فلماذا لا تمنعونهم وكيف ترسلون الحافلات لتقع في الكمين ويقتل
الجنود؟
أجابني العميد عوض: يا ابو جعفر.. اذا لم يقتلونا فكيف سنقتلهم..
يجب ان يسقط قتلى هنا وهناك لنبرر العمليات الضخمة التي يقوم بها الجيش.
# والقتلى هل كلهم من السنة كي يتخلصوا منهم؟
- تستغرب اذا قلت لك ان هناك تعمداً ان يقتل في الكمائن والعمليات
علويون ومسيحيون كي يتم تحريض اهاليهم ضد الثوار، تمهيداً لحرب طائفية.
حصل الكمين، ونفذته عناصر الجيش ضد بعضهم البعض، والهدف التحدث
عن قتل وعنف لتبرير الهمجية والتوحش في القتل.
معمل السكر
جاءنا خبر ان معمل السكر في جسر الشغور، هو مركز اعتقال وتعذيب
للمواطنين، كما ورد في محطتي ((الجزيرة)) و((العربية))، ولأن مهمتنا كانت تكذيب
كل ما يصدر عن سوريا من هاتين المحطتين، فقد توجهنا في قناة ((الدنيا)) التي
يملكها محمد حمشو احد شركاء ماهر الاسد الى المعمل، فوجدنا ان هناك عشرات النساء
يجلسن على الارض وبعضهن يبكين ومنهن من يدعين الى الله، ويدعين ضد بشار في صحته
وابنائه.. وبعضهن تحمل اولاداً رضعاً.. والمعتقلات هن اما أم لناشط او شقيقة له
او..
على الجانب الآخر كان عشرات الرجال والشباب في اوضاع مأسوية،
وجوه دامية، اجساد تنزف، واشكال غير عادية حتى ليبدو بعضهم مشدوهاً والبعض يحاول
اخفاء جروح رأسه ووجهه.. وحاول طبيب سحب المياه من أرجل البعض لكثرة الضرب.
خرجت من المعمل بعد ان صورت الفراغ لأظهر للناس والمشاهدين ألا
صحة لما رأيت.. صورت الفراغ حتى ليبدو المعمل هادئاً ولنفي اخبار ((العربية))
و((الجزيرة))..
خرجت من المعمل لأقف على الباب قليلاً لأتنفس الهواء بعد ان كدت
اختنق من الكذب والرياء والصمت على ما يجري بل وتزوير الحقائق.
التقيت عند الباب بحارس المعمل او احد حراسه فنظر إلـيّ شزراً
وقال لي غاضباً بصوت يحمل التحدي: ألا تخشى الله، أليس لك عرض أم او أخت او زوج
تخشى عليهن، ألم تر الفضائح التي فعلها هؤلاء المجرمون.. خاف الله خاف الله..
لماذا لم تأت بالأمس والشبيحة والجنود يغتصبون النساء ويلزموهن ان يبقين عاريات.
صدمني وهو يقول: لماذا لم تأت بالامس لتصوير الامن وهو يرمي
الرجال في الفـرّامة التي تحيل اجسادهم الى قطع صغيرة كما قطع السكر.. وتذهب
كلها الى المعاصر لتذوب فيها؟ انها فـرّامة الشمندر السكري حـوّلها رجال الاسد
الى فرامة لتقطيع اجساد الرجال والشباب المتظاهرين!
لم اجرؤ على الرد، حملت حقيبتي وذهبت الى منزلي، في اليوم التالي
عدت الى المعمل وسألت عن الحارس نفسه فقيل لي انه هرب.
توجهت بعد ذلك الى الفرع العسكري والامن السياسي في ادلب، كان
تعذيب الرجال فوق الوصف، كانوا يحملون حربة البندقية ويطعنون فيها الارجل
والظهور ويحملون السخانة وهي حامية جداً ويلطعون فيها ظهور الشباب، وسمعت عن
عمليات سلخ لجلد شباب لم اجرؤ على تصويرها او حتى التحدث بها مع احد.
كان العميد نوفل الحسين، العميد احمد عوض وفي الامن الجوي علي
يوسف، ورئيس كل فرع يلزم جميع عناصره بالتعذيب.. و.
نوفل الحسين هو حرباء بكل معنى الكلمة يغير شكله ووجهه كل فترة،
يغير ملامحه، يركب الدراجة ويجول في التظاهرات.. عادياً ولا احد يعرفه.
كان نوفل في الثمانينيات شريكاً في جرائم النظام ضد اهل جسر
الشغور.. وكان برتبة ملازم اول، وهو اليوم عميد يمارس العنف نفسه ضد اولاد جيل
الثمانينيات.
في مركز نوفل الحسين محرقة (آلة) يرمى فيها الرجل لتحرقه وهي
احدى هدايا النظام الايراني، وقد ركّـب النظام في كل فرع محرقة لحرق المعتقلين
في كل سوريا.
الشيخ احمد حبوش من ادلب كان يحرض على الثورة ويطلب مني ألا
أترك، سألته اني اريد التخلي لأنني لم اعد استطيع التحمل وقد رويت له بعض
الوقائع لكنه نصحني ان ابقى لأخدم اهلي واخواني، وانا أوفر لك الامن خاصة في
المدن والقرى التي حررتها جماهير الشعب.
# كيف تساعدهم؟
- نقلهم بسيارتي التي تحمل اشارة ((الدنيا)) ولا يقترب منها احد،
الكشف عن ترتيبات الهجوم ونقل الشباب من مكان الى آخر، وتحركات الامن ضد القرى،
وكثيراً ما نجح الثوار في عمل كمائن ضد الامن نتيجة اخباريات حملتها لهم، وكذلك
كنت احمل أدوية وأغذية ودماء يطلبها الثوار لحالاتهم.
قتل طفل امام والده
في فرع ادلب شاهدت الامن يعذب طفلاً عمره 7 سنوات امام والده
لالزامه على الارشاد عن المسلحين.. والاب يبكي وينفي لأنه لا يعرف.. بعد عدة
ايام عرفت ان الطفل قتل وان والده ((يعترف)) بأن الذي قتل ابنه هي العصابات
المسلحة.
صورت دبابة تقتحم سيارة مدنية وقد سحق كل من فيها، ثم صورناها
لنقول ان ضحاياها سقطوا على ايدي العصابات المسلحة.
يعتقل الامن ضابطين متقاعدين كبيرين وجرى تعذيبهما، حتى ان ارجلهما
كانت متورمة الى حد بعيد، وعرفت اخبارهما في كل المنطقة، فطلب الامن السوري ان
يخرجا الى محطة ((الدنيا)) لينفيا خبر اعتقالهما.. كان التصوير يركز على الوجه
وكانت ارجلهما متورمتين ولم يكن اي منهما ليستطيع ارتداء اي حذاء.
اخيراً
# كيف حصل الانشقاق؟
- بعد مشادة كلامية مع المراسل بعد حادثة ركوب الدبابة على السيارة
المدنية، تساءلت ماذا نفعل نحن.. بدأت السباب ضد بشار والجميع ورحت اقول كلنا
نكذب ثم صحوت على وضعي، وقلت في نفسي.. لقد بدأت اتصالات مع الثوار، والآن انا
اعرف الحقيقة وأستطيع ان أخدم الثورة، فتراجعت وقلت للمراسل: لا تؤاخذني فأنا في
وضع نفسي صعب وانا متوتر وقلت انظر كيف هؤلاء المخربون يخربون بلدنا وانا حزين
لذلك، فقدر الشاب وضعي وقال: عندك حق.
في اليوم التالي توجهنا الى الفرع، وعلمت من الامن انه سيتوجه
الى احياء معينة لاعتقال نشطاء في ادلب.. بينما دخل هو الى نقابة المهندسين،
اتصلت عبر الهاتف بالشباب وقلت لهم احذروا لأن الامن قادم لاعتقالكم.
فوجئت بأن المراسل خلفي تماماً وقد استمع الى كل ما كنت انقله من
تحذيرات الى النشطاء.. فواجهني بالقول: ايوه لقد أظهرت كل شيء الآن.. فرددت انا
معهم.
سألني انت مندس، قلت نعم انا مندس، فرد اذن انت بحالك وانا
بحالي.. وهو خاف ان أقتله فافترقنا على ان ارسل له بديلاً عني.
مباشرة اخبر المراسل الامن في دمشق عني وكنت اعلم انه سيفعل ذلك،
فتوجهت الى العميد نوفل لأقول له انني توقفت عن التصوير وأنا سأنخرط بين المتظاهرين..
فوافقني العميد.. وكنت بهذا احاول ان احمي نفسي.
في اليوم التالي جاءني الى منزلي عنصر من الامن العسكري ليسألني
ما الذي حصل معك، فقلت له لا شيء.. لم اكن اريد كشف موقفي، الى ان واجهني
بالقول: لقد وصلت الى مكتب العميد نوفل برقية من الامن العسكري في دمشق لإحضارك
الى الفرع الرئيسي، قلت له ما حصل معي.. فقال لي هيا فلسع، لأنك اذا اعتقلت فلن
تترك الاّ جثة هامدة، هذا عدا التعذيب والاهانات.
خرج الامني من منزلي وخلال 40 دقيقة كنت على الحدود التركية.
اتصل بي العميد نوفل هاتفياً وسألني اين انت الآن قلت له انا في
المنزل، فطلب مني ان اجهز نفسي للتوجه الى مكتب اللواء فؤاد حمودة لتهنئته
بالعيد، فقلت له دع اللقاء لبعد الظهر، فقاطعني بالقول الآن.. لأن اللواء سينزل
الى دمشق ظهراً.
كان يحدثني وهو على باب منزلي وكنت اتصل من جهاز آخر بزوجي
لأسألها ما الذي يحصل؟
كنت اسمع عبر الهاتف الضرب بشدة على الباب وزوجي تقول لي عبر
هاتف آخر انهم يحاولون خلع الباب.
عندها سمعت نوفل يقول لي عملتها.. فرددت تعيش وتاكل غيرها، فصرخ
يا ابو جعفر عد لا تبهدل حالك لأننا نستطيع ان نعيدك من آخر الدنيا.
سألته وما الذي فعلته لتأتي بي من آخر الدنيا فقال لي بهدوء تعال
نحل الموضوع بهدوء، فلما رفضت عرضه انهال علي بالسباب.. فأقفلت الهاتف.
بعد لحظات رن هاتفي فإذا هو رقم اللواء فؤاد حمودة فاستمعت اليه
يدعوني للعودة والذهاب معه الى دمشق واعداً بشرفه العسكري ألا يسمح لأحد بمسي..
وهذا وعد فقلت له انه وعد خادم من ايران.
هددني: اذا لم تعد سنأخذ اهلك مكانك.. فرددت خذهم لأنك ستريحني
منهم لأنهم مثلكم مؤيدون لبشار ووعدته ألا اقترب من المعارضة او من الاعلام.
فسألني أهذا وعد؟.. قلت نعم.
# ولماذا نكثت بوعدك؟
- لأنهم هم الغدارون فما ان وصلت الى تركيا حتى ارسلوا لي من حاول
خطفي كما تم مع المقدم هرموش، اي اتصل بي احد ضباط الامن التركي ابو محمد الذي
خدع هرموش ومعه ضابط امني سوري ودعوني للقاء بهما، فهربت واتصلت باللواء فؤاد
وسألته لماذا تحاولون خطفي، فرد ابداً انه تصرف فردي.
حذرني شباب سوريون من هذا الضابط التركي الذي يعمل لمصلحة اجهزة
بشار وهو علوي.. وقد دعاني ليسهل خروجي من تركيا الى دولة اوروبية فأدركت انه
يريد تسليمي لجماعة بشار.
كنت في منزلي في تركيا عندما جاءني الامن التركي، وأنذرني انه لا
يحق لي ان اسكن في منزل بالايجار، فإذا كنت سائحاً فعلي ان انزل في فندق، واذا
اردت اللجوء فيجب التوجه الى المخيم.
عندها قررت ارسال عائلتي الى دبي وتوجهت انا الى القاهرة، وفيها
حاول الامن السوري السري خطفي.
# كيف؟
- كنت اتصلت بشقيقي طالباً منه ارسال مساعدة مالية لي ولأن خطوط
الهاتف مراقبة في بلدي، فقد اتصل بي احدهم ليبلغني ان شقيقي ارسل لي مساعدة
مالية وتواعدت معه للقاء في شارع الملك فيصل في الهرم، وما ان التقيت به حتى
شاهدت ثلاثة شباب يتجهون ناحيتي ثم دفعوني الى مدخل عمارة، وانا اقاومهم ولم
ينقذني سوى خروج نسوة من احدى الشقق الارضية، فادعى الخاطفون انهم يداعبونني،
فهربت، لكنهم سرقوا هاتفي، اتصلت لاسترجعه فقال حامل هاتفي المسروق: ادفع 5000
دولار..
عندها توجهت الى قناة ((العربية)) في القاهرة ورويت لهم حكايتي
وخرجت الى الاعلام لأول مرة.
نفت ((الدنيا)) الخبر جملة وتفصيلاً وقالت انها لم تسمع باسمي
قبل الآن، فخرجت مرة اخرى لأثبت لهم هويتي وبطاقتي التي ظهرت على الشاشة تؤكد
انني اعمل مع ((الدنيا))، فردت المحطة انني مجرد مساعد مصور لا قيمة لي.. وانها
بصدد اقامة دعوى قضائية ضدي، وانها ستحيل الامر بعد ذلك للانتربول الدولي
لاعتقالي..
ع. ص
من حزب الله
يقاتل وعناصره في ادلب
قال الاعلامي المنشق عن محطة ((الدنيا)) يونس اليوسف، انه عندما
كان في ادلب شاهد احد قادة حزب الله الامنيين ويدعى ع. ص ومعه مجموعة عناصر من
الحزب المذكور، ينسقون مع الامن السوري لقتل المتظاهرين المدنيين.
كانت احدى المهمات المكلف بها ص. ومن معه هي قتل العناصر
العسكرية السورية التي ترفض اطلاق النار على المتظاهرين السلميين.
ومن مهمات الحزب المذكور ايضاً القنص على المتظاهرين وإطلاق
النار على الرؤوس من قناصات يحملها عناصر حزب الله وهي كلها من ايران.
رئيس أركان
جيش بشار
نعم حزب الله يشاركنا القتال
يقول اليوسف انه سأل مرة رئيس الاركان السوري اللواء فهد الجاسم
عندما كان يتولى قيادة العمليات في ادلب.. ماذا عن الانشقاقات التي تحصل في
الجيش السوري فردّ علـيّ: هؤلاء كمالة عدد ونحن لا نريدهم.
وكان بشار وإعلامه يردد دائماً ان الفرار عادي ويحصل في كل جيوش
العالم.
يقول الجاسم ان عناصر حزب الله تتدرب معنا وهم شركاؤنا ومن
الطبيعي ان يشاركونا الدفاع عن الوطن!!!
سألت الجاسم عن المسلحين، بعد ان سمعت ان ضباطاً سوريين أخبروني
أن لا وجود لهم، فسألني هل هذا ما يقولونه.. انتظر.
وبعد 24 ساعة اشتعلت جبهة ادلب قصفاً وحرائق وقنصاً لتوكيد وجود
مسلحين فيها، بما يبرر تدمير المدينة الباسلة.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
للتعليق