أشعر بالفخر وبالعار وأن النصر قادم .. السيف الدمشقي

أشعر بالفخر عندما يستفسر البعض عن أسباب تأخري في إرسال الرسائل والمقالات التي اعتادوا عليها خصوصا حول مايجري في سوريا والحقيقة أن هذا يحصل بسبب ظروف طارئة تبعدني قليلاً أو تؤخرني وبما أني لا أكتب لمجرد الكتابة ولكن عن إيمان وقناعة وعن التزام بواجب يجعلني أجتهد فيما أكتب والله من وراء القصد لهذا أعتقد أن من واجبي أن أفخر و أشكر كل من شجعني أو وجهني أو نقدني.

أشعر بالفخر عندما ألتقي بأشخاص لا أعرفهم ولايمتون لي بصلة قرابة وأنا أراهم يساهمون في دعم هذه الثورة بأبسط مالديهم من وسائل وبما لديهم من مال مع ضعف إمكاناتهم.

أشعر بالفخر عندما ألتقي بسوري ويقول لي بفخر أنا معارض أنا مع الثورة أنا اعتقلت وعذبت وأهنت ولكني مؤمن بقضيتنا ولن أتوقف حتى ولو كلفني هذا حياتي.

أشعر بالفخر عندما أسمع عن الأولاد الصغار يقولون خذ من مصروفنا نريد أن نساهم في دعم الثورة.

أشعر بالفخر عندما أسمع أمثال خالد أبو صلاح وأراه في مشاهد متعددة مع المراقبين العرب يشرح لهم الحقيقة ويسلمهم عربة مصفحة استولى عليها الجيش الحر وهو يشيع اخاه الشهيد وأخيراً وهو جريح يقول لن نتوقف حتى لو قتلتنا جميعاً إنه حقاً أمة في رجل ورجل في أمة.

أشعر بالفخر وأنا أرى خنساوات في وطني .

أشعر بالفخر في إرادة وصمود وصبر أبناء وطني لاتكسرها قوى العالم التي اجتمعت عليه .

أما لماذا أشعر بالعار فلأني صدمت بأناس من ذوي القربى يقفون ضد الثورة حتى حين دعوناهم للمساهمة في الإغاثة الإنسانية لإخواننا في المناطق المنكوبة ردونا وكأننا مجرمون

وهو حديث طويل بل هو سرد لقصة واقعية تحدث في حياتنا وربما تمس الكثيرين منا وسبب كتابتي لها قراءتي لأحد التعليقات في الفيس بوك سأنقلها كما نشرها صاحبها بتصرف بسيط قال فيها:

أصدقائي المؤيدين والرماديين والحياديين والصامتين .. أعلن اليوم انشقاقي عن صداقتكم وقرابتكم وصحبتكم خوفاً من أن أحتاج يوماً مساعدتكم فتستبيحوا دمي وعرضي كما استبحتم دم وعرض إخوتكم .. فشفاهي ماعادت تستطيع التبسم لكم عند رؤيتكم ونظراتي لم تعد تستطيع تمثيل الحيادية في وجوهكم .. فلاصداقة تعنيني مع فاقد للإنسانية وبائع أو مغيب ضميره .

عندما قرأتها أحسست كأنني الذي نا الذال خَطَطْتُ تلك الكلمات فقبل أيام خرجت في نزهة مكرهاً تحت ضغط الزوجة والأولاد أما لماذا كنت مكرهاً فذلك لأنها كانت مع أقرباء لنا من أولئك المعادين للثورة والحقيقة أصبحت أتضايق لوجودهم بعد أن عيل صبري في إقناعهم بتغيير مواقفهم إذ ليس المهم تغيير قناعتهم بل على الأقل أن يحسنوا الظن في المساهمين والمؤيدين والمناصرين للثورة إذ يعتبروننا أسوأ من النظام نفسه فتخيلوا ذلك !!!

ولأنهم أقرباء وأصدقاء ولأن عداءهم لفظي ونفسي ولم يكن سوى أذية نفسية فقد كنت آثرت الاقتصار فقط على التخفيف من الالتقاء بهم دون المقاطعة و هذا باعتقادي هو الصواب أملاً في تغير مواقفهم يوماً ما كونهم لم ينخرطوا في فعل معاد للثورة .

المهم بعد تلك النزهة القصيرة عاتبتني زوجتي فقد بدا بالطبع فتور المودة بيني وبينهم وقالت هذا ليس من طبعك فأخبرتها بأني لم أعد أستطيع أن أكون ودوداً مع من أشعر بالعار منهم وحتى أكون منصفاً معهم ربما هم يشعرون بالعار مني ومن أمثالي من المؤيدين للثورة فنحن حسب رأيهم طبعاً نشارك بأقوالنا وأفعالنا وحتى كتاباتنا بقتل الناس ونساهم في استمرار الأزمة  وأنا في الحقيقة مع أني لست مضطراً لأدافع كوني أفعل هذا من وجهة نظري لأني أحب وطني وأشعر بأن علي واجب تجاهه وتجاه أولئك الذين يدفعون دماءهم وحياتهم في سبيل هدف أعتقد وأؤمن به كما آمن به الكثيرون وهم بالمقابل كطرف صامت أو ضد الثورة يعتقدون بأنهم يحبون وطنهم ويعتبروننا بأننا نساهم في تخريب الوطن إذاً هذا قد يكون هو الشعور القاسي المتبادل بالعار يفترض فيه أن يكون سببه حب الوطن وصلة القربى أو الصداقة بيننا والتي قد تتزعزع بسبب هذا الاختلاف .

لكن على الأقل وهنا أعرض وجهة نظري لم أغلق عقلي ولا عيوني عن رؤية مايمكن أن يساعدني في فهم حقيقة مايجري وأعتقد أني بذلت الجهد الكافي وأحاول أن أشرك نتائج هذا الجهد مع الآخرين بينما لا أتلقى شيئاً من الطرف الآخر إلا الصمت إذاً هناك على الأقل طرف مقصر, قد لايمتلك الوقت الكافي وهذا قد يكون عذره ربما.. لكن ألا يستحق هذا الوطن تفريغ وقت في مرحلة حساسة تمر الآن في حياتنا وستغير حتماً مستقبل أبناءنا ووطننا والأجيال القادمة ألا يستحق منا بعض الجهد أينما كنا سواءَ داخل أو خارج الوطن فلا عذر لصامت أبداً.

إذاً هناك طرفان ولنفترض أن كلاهما يعتقد أنه على صواب لكن هناك بالتأكيد طرف مقصر.

وسأفترض أني لست على صواب وأقف مع الطرف المغرض المعارض وأنقل عنه الأخبار دون تثبت وهذا بالطبع ليس حقيقياً حسب اجتهادي وأن الطرف الآخر هو المصيب والذي يعتمد على أخباره من الطرف الصادق والذي هو النظام وإعلامه الذي يفند كذب المعارضين وإعلامهم .

هنا وصلنا لنقطة حساسة فهناك من ذهب بنفسه للمناطق الساخنة للتثبت من الحقيقة قبل تغير موقفه والكثير ممن أعرفهم خارج سوريا قاموا بزيارة المخيمات في تركيا أو الأردن أو لبنان وسمعوا قصصاً تشيب من هولها الولدان عن الإجرام الأسدي وعصاباته من الأمن والجيش والشبيحة فأصبحوا أكثر حماساً لنصرة الثورة.

بل إن البعض من غير السوريين مثل الشيخ الدكتور محمد العريفي عاد بعد زيارته لمخيمات الأردن فألقى خطبة كاملة ذكر فيها حقيقة ماجرى ويجري .

أجابوني أننا في فتنة طرف يشارك فيها فيحقق مآرب من دَفع بها بقصد أو بدون قصد ونحن كطرف آخر ضد الثورة ننأى بأنفسنا عنها !! عجيب هذا التفكير

 وسنفترض أن هذا الأمر صحيح فماذا يجب أن نفعل ؟

لنسمع قول الله وليطبق الطرفان ماجاء فيه :

وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)سورة الحجرات

سنفترض أن الطرفين مؤمنين النظام وأتباعه ومناصريه طائفة والثوار والمعارضة وأتباعها طائفة أخرى هنا وجب عليكم أن تصلحوا بينهما فماذا قدمتم أيها الصامتون الرافضون لاشيء بالطبع سوى الصمت والرفض ولم يكن لكم دور وهنا عدنا للتقصير .

ونحن المعارضين والثوار لانريد الصلح وبغينا على النظام لذلك وجب قتالنا من قبلكم ولكم في هذا فتوى طالب ابراهيم في قتالنا وقتالنا أولى من العدو الإسرائيلي بحسب رأيه فلماذا أنتم صامتون عنا ولاتشاركون النظام إذاً ؟؟ .

مع أن صمتكم بالنسبة لنا هو مشاركة في الجريمة ومساهمة فيها .

والرأي الحق أننا في معركة حقيقية ولسنا في فتنة بين مؤمنين اختلفوا وعندما تكون هناك معركة تكون بين حق وباطل فإما نحن على الحق فوجب عليكم المساعدة والنصرة وإما نحن على باطل فوجب عليكم قتالنا وحيادكم هو وقوف مع الباطل أياً كان.

يقول البعض منهم أن الطرفين يكذبان وكلاهما على باطل وأن هناك طرف ثالث خفي يدفع بالأمور حتى وصلت إلى ماوصلت إليه من القتل والتدمير من قبل النظام وأتباعه وإلى رد فعل مقابل فيه مزيد من العناد واستمرار التظاهر وحتى حمل السلاح من الطرف الآخر للدفاع عن نفسه ويضيف إن بعض الدول الغربية لها مصلحة في تغيير النظام

 ما المشكلة إذا التقت مصلحتنا مع مصلحتهم في تغيير النظام فمن الذي بدأ باعتقال الأطفال وتعذيبهم في درعا من الذي قتل الناس واستدعى لهم الطيران ليقصفهم من الذي لم يجر أي محاسبة للمسؤولين عن هذه الأعمال ومن هو الطرف القوي الذي خرج على الناس بعد أشهر يضحك ويستهزأ بعد كل الدماء التي سالت ومن الذي استخدم القذرين والحثالة وأخرجهم من السجون ليعملوا في الترهيب والاعتقال والاغتصاب من الذي قصف وحرق ودمر وانتهك الحرمات من الذي قتل الجرحى في المشافي واستهدف الأطباء والصيادلة ومن الذي قتل الأطفال والنساء والشيوخ ومن الذي اعتقل الأقارب والأهل لكل معارض غاب عنهم واختبأ ولم يصلوا إليه من بدأ بتسليح بعض الأحياء لتأجيج الطائفية واستخدامها ذريعة له. إذا أجبتم بأن هذا كله كذب وفبركة فأنتم أغبياء وإن قلتم هو حق فلماذا التخاذل وإن قلتم أن مافعلوه صواب وحق لهم كرد فعل فأنتم منهم وإن أنكرتم فلماذا الصمت فإذا كان الصمت علامة الرضى فأنتم راضون عما يفعل النظام أما إن كان رفضكم للثورة نوع من العناد فتذكروا أن العناد نوع من الكِبر فحُق لنا بعد كل هذا أن نشعر بالعار منكم ومن قرابتكم وصداقتكم فتخاذلكم هو الخيانة بعينها لله والوطن والتاريخ ومابين الفخر والعارحقاً شعور غريب بأن النصر قادم  .

عاشت سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من عند الله

بقلم السيف الدمشقي