الأربعاء، 18 أبريل 2012

أطفالنا يعلمون العالم معنى الحرية .. السيف الدمشقي


منذ أيام انتشر المقطع الذي يقول فيه الطفل لأبيه سامحني يوب ( سامحني بابا ) باللهجة الحلبية بعد أن أصيب الطفل برصاصة أثناء تشييع أحد الشهداء بحي الإذاعة بحلب الشهباء هو مشهد يحمل الكثير من المعاني حول حقيقة دور الأطفال في ثورة الحرية والكرامة السورية وإن كان البعض يعتقد خطأً بأن يتم زج الأطفال بشكل متعمد فعلى مدى أكثر من عام ومنذ البداية كان أطفال درعا بفطرتهم هم الشعلة التي أوقدت نيران الثورة وأيقظت وألهبت مشاعر أهل درعا لتتبعهم بعد ذلك معظم القرى والمحافظات السورية وذلك بعد أن اكتشف الجميع أن النظام لايفرق بين طفل أو شاب أو عجوز ولايفرق بين امرأة أو رجل .
هناك قصص كثيرة في ذهني من خلال متابعاتي وقراءاتي ونقاشي عن الثورة السورية وكل ماسيرد فيها هو واقعي وحقيقي:


ففي جلسة عائلية مع بعض الأصدقاء كان بينهم طفل في العقد الأول يسأل أباه مامعنى الحرية ؟..
أجابه أبوه : كل مولود يولد على الفطرة والحرية بالتأكيد هي من الفطرة التي فطر الله المخلوقات عليها جميعاً فالحرية فطرة وليست فكرة فحتى العصفور الصغير عندما يُفتح له القفص يطير خارجه سعيداً متحرراً مع أن العناية التي توليه إياها من طعام وشراب ورعاية وحماية تغنيه ولكنها الفطرة الإلهية وحرية هذا العصفور قد تكلفه حياته ولكنه يراها أفضل من القفص ويغرد عندها مالم يغرد طوال فترة بقاءه داخل القفص.
ولكن الحرية عندنا نحن البشر يتحكم بها العقل وهي ليست مسألة مطلقة لهذا جُعلت لها ضوابط بحيث لاتتحول إلى اعتداء على حرية الآخرين .
قال الطفل : هل تذكر يا أبي حادثة السوق ؟
فضحك الأب وسأله ماالذي ذكرك بهذا الأمر الآن ؟
قال : لأني أريد أن أعرف رأيكم في الأمر.
فقال أحد الأصدقاء ماالذي حدث اروِ لنا ماحدث :
قال : منذ سنوات قليلة عدنا إلى سوريا لقضاء إجازتنا السنوية ولما وصلنا إلى دمشق خرجت مع ابني وقتها للحصول على شريحة سورية للجوال ولشراء بعض الأغراض ولما خرجنا إلى الشارع أمسكت بيد ابني جيداً وقلت له انتبه ولاتترك يدي وأنت تقطع الشارع أبداً .
 فسألني لماذا لاتتوقف السيارات عند رؤيتها لنا ونحن نريد أن نقطع الشارع ونضطر أن ندخل بينها ؟
فقلت له للأسف يابني لايوجد هنا تنظيم كاف يحكم السير بين السيارات والمشاة يعني هناك بعض الفوضى ولم أكمل جملتي حتى كنا قد تجاوزنا الشارع ودخلنا إلى بداية السوق فوجدت ابني يصرخ ويقول أين إذن بشار الأسد ألا يعرف ماذا يجري ؟ فارتبكت ونحن بين الناس وقلت له أخفض صوتك لاتفضحنا فأجابني بكل كبرياء ولماذا أخفض صوتي يا أبي أليس هو رئيس البلاد ويفترض به أن يصلح الأمور الفاسدة في البلد فأجبته ( وكنت قد غرست فيه الصدق والصراحة وتبادل الآراء ) نعم من المفروض ذلك ولكنهم لايحبون أحداً أن يتكلم عنهم لهذا طلبت منك خفض صوتك وسنكمل الحديث في المنزل إن شاء الله .
فهل فهمتم ياأصدقائي هذه الحرية التي نشأ عليها ولدي بالفطرة فكانت تلك ردة فعله وهذا الحديث الذي فاجأني فيه .
 فقال الطفل هذا ماكنت أريد أن أقوله أنا ثائر قديم .
فقال الصديق : الحمد لله أن الأمر انتهى معك هكذا فلم ينتبه لكم أحد ولم يحصل معك مثل الطرفة الشائعة لتصرخ أنت بدورك في السوق لمن هذا الولد لاأعرفه وتتبرأ منه !!!
ثم ضحك الجميع وقال الصديق يبدو أن ابنك مندس من قبل أن يولد وعلى مايبدو أنه مندس بالفطرة .
قال الطفل وكذلك جدي .
فضحك الجميع وسألوا  كيف ذلك ؟
قال الأب :لقد كان جده منذ نعومة أظفارنا وحتى كبرنا يحرص دائماً على رعايتنا وحمايتنا فلم يكن يتحدث أمامنا بالسياسة مطلقاً وعباراته دائماً ملغومة كلغز يجب عليك أن تحله حتى بدأنا مع القراءة والمتابعة نفهم حقيقة مايجري حولنا ونحاول أن نفهم تلك الألغاز التي بقيت في أذهاننا عالقة فهدفه الأساس كان حمايتنا لهذا لم يجرِ بيننا يوماً نقاش سياسي جدي خلال فترة الطفولة ولكن كل ما أعرفه هو عدم حبه وعدم اقتناعه بهذا النظام مطلقاً .
وهو قد عاصر الاستعمار الفرنسي والاستقلال بعده وفترة الانقلابات والوحدة مع مصر حتى وصول البعث وإلى يومنا هذا .
ولكن عندما استقدمته لزيارتي في الخارج وأثناء حديثنا عن سوريا والأوضاع فيها كان أول سؤال لطفلي عن موقف جده من الثورة وسألته زوجتي مارأيك بعلم الثورة الذي هو علم الاستقلال وهنا كانت مفاجأتنا عندما أجاب لطالما احتفظت بعلم الاستقلال هذا في البيت وطلبت من والدتك منذ زمن بعيد أن تضعه داخل قبري عندما أرحل إلى دار الحق .
وقال ياالله كم هو هذا العلم غال على قلبي فهو يمثل خروج المحتل الفرنسي ويمثل نصر سوريا وخروجها من محنتها وبداية عهد سوريا المستقلة مع أنهم الآن يتنكرون له ويقولون عنه أنه علم سايكس بيكو.
( في إشارة إلى اتفاقية الغرب لتقاسم الوطن العربي ) مع أني لازلت أذكر أنهم دروسه لكم في المرحلة الابتدائية ولكنهم يحاولون اليوم تشويه أي شيء يرتبط بثورة الكرامة والحرية بشراً كان أو جماداً إنهم يرتعدون من قيامة الشعب .
قلت نعم مع أنهم أصدروا طابعاً بريدياً عام 2003 م في ذكرى الجلاء وعليه هذا العلم كما أن هناك عملة معدنية مصكوكة في العام 1991 م عليها نفس العلم هذا عدا عن اللوحات المنتشرة في أرجاء سوريا وتحوي هذا العلم طوال فترة حكمهم.
قال: لاتظنوا أننا لم نكن نعرف أن هذا اليوم قادم ( يقصد الثورة ) بل كنا وكل جيلنا متأكدين من أنه قادم ونعلم أن ثمن الحرية سيكون مكلفاً وباهظاً وسيكلف أكثر مما كلفنا الاستقلال عن الفرنسيين بكثير وربما هذا ما جعلنا ربما بدون قصد نتمنى أن يتأخر وظننّا أنّنا نحميكم حتى استكنّا واستكان كل جيلنا إلى أن جاءت مشيئة الله لتوقظ النائمين وتبدأ شعلة الحرية بيد أطفال ثم ليحملها عنهم شباب هذا الوطن فأسأل الله لكم يابني أن يكون التوفيق حليفكم أنتم وكل شباب ورجال ونساء هذا الوطن لتحققوا لنا النصر الذي سيكون أعظم وأكبر من نصر الاستقلال الأول .
قال الطفل نعم هذا ماكنت أقصده عن جدي .
ثم سأل الطفل لماذا هناك بعض الناس لايؤيدون الثورة من الأقارب هل تاهوا عن الحق وهل يمكن للحق أن لايكون بيناً .
فأجاب الأب : يابني ألم تقرأ سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وكيف لم يناصره في البداية إلا قلة قليلة بل عاداه أقربهم إليه صلة .
وقد عُرف النبي صلى الله عليه وسلم بالصدق والأمانة قبل البعثة فلما جاءته النبوة تنكروا له بسبب كبرهم وعنادهم وإصرارهم على البقاء على ماألفوه من دين آباءهم وأجدادهم مع أنهم علموا أن الحق هو دافعه حتى عرضوا عليه أن يجعلوه ملكاً عليهم وأن يجعلوه أغناهم على الإطلاق وأن يزوجه أجمل بناتهم على أن يترك ماهو فيه من الدعوة إلى الله.
فالكبر والعناد والركون إلى الحال والمكسب الذي يعتاد عليه الإنسان هو الحاجز بينه وبين أي تغيير حتى ولو كان فيه مصلحته المستقبلية والعاقل من يضحي اليوم من اجل المستقبل .
فأجابه الجميع صدقت والله وأصبت الحقيقة .
ثم أردف الأب : هل تدركون الآن ..إنها الحرية الراقدة فينا نحن الأبناء بين جيل الأجداد وجيل الأحفاد وقد آن آوان يقظتها فينا وقال مازحاً بين أبي المندس وابني المندس أشعر بالفخر.
ولم أزل أذكر ذاك الرجل يروي قصة طفل رآه بجانبه حافي القدمين في كفرسوسة بدمشق أثناء تشييع بعض الشهداء فقال له الرجل لماذا أنت حافي القدمين والمسافة بعيدة من مكاننا هذا إلى مكان التشييع والزحام شديد هل أنت فقير وليس لديك حذاء ؟ !!
فأجابه الطفل : أمي أخفت عني كل أحذيتي حتى لا أخرج في المظاهرات وقد خرجت خلسة لأشارك .
عجباً أيتها الثورة السورية ماذا فعلت في الدنيا أطفالك يعلمون الكبار ويعلمون العالم  معنى الحرية فهل هناك من يقول أننا سنهزم لا والله لن نهزم وفينا هذه البذور الطيبة فلنساهم جميعاً في رعايتها وإنباتها فلقد استلموا الرايات قبل أن نسلمهم إياها.
عاشت سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من عند الله
بقلم : السيف الدمشقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتعليق