الأحد، 10 يونيو 2012

كاليجولا .. محمد فؤاد


كاليجولا
إذا أردنا أن نعرف ماذا في البرازيل ، يجب أن نعرف ماذا في إيطاليا ؟
وإذا أردنا أن نعرف ماذا في إيطاليا ، يجب أن نعرف ماذا في البرازيل ؟
جُمَلٌ فكاهية أضحكتنا ، ظلَّ الفنان نهاد قلعي (حسني البورظان ) يرددها في حلقات مسلسل صح النوم ولم يُكملها ، وكانت ومازالت هذه الجمل تدور في رأسي ، وكلَّما قرأتُ شيئاً من التاريخ تذكرتها وتذكرتُ أستاذنا في مادة التاريخ صاحب الفضل في حبي للتاريخ وحِكَمِهِ .

كان أستاذي رحمه الله يرفع بنطاله بكلتا يديه كل خمسة دقائق ويقول بصوت عالٍ : التاريخ ...إطَّلَعوا على التاريخ وقصصه تفهموا الحياة بحاضرها وتستقرأوا المستقبل بمجهوله.
فإذا أردنا أن نعرف ماذا يجري حولنا هذه الأيام ونستقرأ ماسيجري في المستقبل القريب أو البعيد فعلينا أن نعرف ماالذي مر من أحداث تاريخية حول العالم .
كاليجولا وتعني باللغة الرومانية "الحذاء الروماني" وهو الاسم للإمبراطور الروماني وهو الأشهر والأشرس بين طغاة العالم جميعاً عبر التاريخ مقارنة بأولئك الذين تفننوا في التعذيب وسكب النار والرعب والإرهاب على شعوبهم وكانوا أمثلة للقمع والجور والطغيان وفنون الجنون بتحويل شعوبهم إلى رقيق ، كاليجولا كان أحد أقرباء نيرون الذي أحرق روما فيما بعد .
تولى كاليجولا حكم روما أربع سنوات فقط مابين عام 37 إلى 41 ميلادية ، كان نموذجاً فريداً للشر وجنون العظمة والقسوة المجسمة في التلذذ بإستفزاز الأخرين عموماً وإستفزاز مشاعر العرب خصوصاً المحكومين من روما آنذاك .
فَرَضَ كاليجولا السرقة العلنية في روما ، وذلك بجبره لأشراف روما وأثرياؤها على حرمان ورثتهم من الميراث كي تؤول أملاكهم وتركتهم لخزانة كاليجولا ، وقد أمر بقتل بعض الأثرياء استعجالاً لنقل إرثهم إليه سريعاً وكل ذلك بمساعدة حاشيته الذين أيدوه بصمتهم وجبنهم وهتافهم له نفاقاً ، وخوفاً من بطشه وطمعاً بالمكاسب أيضاً ، أَحدَثَ مجاعة مقصودة في روما عندما أغلق مخازن الغلال عن شعبه متلذذاً برؤيتهم يتعذبون ويتلوون من الجوع ، استمرت غطرسته إلى أن دَخَلَ كاليجولا يوماً مجلس الشيوخ ممتطياً صهوة جواده ومصدراً قراراً بتعيين حصانه عضواً في المجلس الموقر ، وهَلَّلَ الجميع وهتفوا له ولجواده في نفاق فجًّ ، ومن ثم أقام مأدبة عظيمة من التبن والشعير ابتهاجاً بتعيين جواده العظيم وقال:إنه لشرف عظيم أن تأكلوا بصحائف ذهبية ما يأكله حصاني " فأذعنوا وأكلوا .
انتفض أحد أعضاء المجلس قائلاً : إلى متى ؟ ياأشراف روما نظَّلُ خاضعين خانعين خائفين " افعلوا مثلي واستردوا شرفكم المهان " وقذف بحذائه في وجه حصان كاليجولا فثاروا وثار الشعب وقضوا عليه متحديين بطشه ، ولكنهم جاؤوا بقريبه نيرون الذي بجنونه أحرق روما .
ومن أقوال كاليجولا التي تدل على بارانويا واضحة :
إني إن لم أقتل أشعر بأني وحيداً .
سأحلُّ أنا محل الطاعون .
أنا أسرق بصراحة .
لا أرتاح إلا بين الموتى .
قال الله تعالى في كتابه الحكيم عن فرعون "  فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ  " "سورة الزخرف رقم 43 أية 54 "
فكم عدد الطغاة مرتكبي الجرائم وسافكي الدماء الذين تعاقبوا على حكم شعوب العالم ؟
وكم عدد من صفق وهلل لهم من الفاسقين ؟
وكم هي أوجه التشابه بينهم في سايكوباتيتهم وبنهاياتهم ؟
كأنهم توائم في المضمون الفكري والعقلي والنفسي والعملي ، وعلى سبيل المثال لا الحصر مر على شعوب الأرض ( نيرون وموسوليني في روما ) و( سالازار في البرتغال ) ( وبابا دوبولوس في اليونان ) ( وهتلر في ألمانيا ) ( وشاوشيسكو في رومانيا ) ( وستالين في روسيا ) ( وجنكيز خان – وهولاكو في الشرق ) ( وماوتسي تونغ في الصين ) ( الراجات الهندية ) ( سوهارتو بأندونيسيا ) ( سيلفادور ليندي -  وبينوشيه في تشيلي ) ( وبابا دوك – وبيبي دوك  في تاهيتي ) ( سوموزا بنيكاراجوا ) ( وبيرون – وجاليتييري بالأرجنتين  ) ( ونورييجا في باناما ) وصولاً إلى المبجلين الطغاة عندنا نحن العرب والذين لن أحصي عددهم وسأذكر على سبيل المثال القذافي الذي جعل صورة ناقته شعاراً فوق العملة وخصص طائرة لها لتكون برفقته حيثما سافر .
ترٌى مالفرق بين كاليجولا الروماني وكاليجولا العربي ؟
هم سايكوباتييون متشابهون في كل شيء تقريباً فهم رمز وقدوة للفساد يبثونه في جميع أجهزة نظامهم، وهم لا يرون إلا أنفسهم ولا يسمعون إلا صوتهم ولا ينظرون إلا إلى مصالحهم ويلهثون وراء مطامعهم .
إلا أن هناك فرق يكمن في حنايا التاريخ ، كل الكاليجولات في العالم وصلوا بمحض ظروف وصدف إلا معظم كاليجولات العرب فقد تمت صناعتهم وذلك من خلال تنصيبهم من خلال دوائر وأجهزة عالمية اقتضت مصالحها في تنصيب مجانين الحكم من السايكوباتيين والجهلة الذين ينتمون إلى نادي العته والتخلف العقلي ، وقد ظهرت كتب عديدة تحكي عن أسرار العلاقات بين تلك الدوائر والأجهزة مع الأصدقاء الطغاة كما يسمونهم هم ، فهم يفسحون لهم الطريق للوصول إلى سدة الحكم وامتلاك السلطة وتوفر الرعاية والحماية لهم ولأنظمتهم وتساعدهم في إخراج مسرحيات سمجة حقيرة يكون سطح العلاقة قناعاً من العداء للعدو مع السماح لهم بهامش عريض لسب العدو وشتمه واختراع نزاعات مع أخرين ، وكل ذلك لاستنفاذ كل أغراضهم وضمان مصالحهم وتنفيذ مخططاتهم حتى تنتفض الشعوب وترمي بأحذيتها على الطاغية بعد أن يستوي عندها عاملي الموت والحياة .

مارأيكم دام فضلكم
بقلم / محمد فؤاد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتعليق