في ثورة كالثورة السورية بعظمتها
وقوتها وثباتها وتشعباتها ثورة لاتشبهها ثورة فريدة في كل شيء وعظيمة في كل شيء
يجد المرء نفسه أحياناً عاجزاً عن كتابة أي شيء يمكن أن يفيها حقها وخصوصاً عندما
تتسارع الأحداث فتصبح أسرع من كتابة الحروف بل أسرع مما قد يخطر على البال فبعد أن
وصل اليأس إلى قلوب الكثيرين من النصر القادم بإذن الله كان الثوار على الأرض
لايكلون ولايملون في العمل على الهدف الذي وضعوه نصب أعينهم وأقسموا ألا رجوع عنه
مضحين بأرواحهم وبكل غال وثمين .
حتى جاءت عملية خلية الأزمة فشكلت
نقلة نوعية ودفعة معنوية قوية لنا جميعاً لتبدأ معها معركتي دمشق وحلب وبدأ الثوار
يسطرون أروع الملاحم وبدأت تلوح في الأفق بشائر النصر ولكن للأسف بدل أن تكون
المعارضة عوناً ودعماً لهم أصبحت عبئاً عليهم وبدأ توجيه السهام عليهم بقصد أو
بدون قصد عن علم وعن جهل .
كلنا رأى عملية إعدام زينو بري من
شبيحة آل بري ميدانياً في حلب وما أحدثه من ضجة والغريب في الأمر أن الضجة التي
أحدثها السوريون أنفسهم والمعارضة الخارجية في الهجوم ضد الثوار فاقت ربما الإعلام
المضاد المؤيد للنظام سواء في الداخل أو الخارج وخرج المعارضون على الشاشات
يتبرأون ويدينون ماحصل في محاولة لإرضاء الغرب والمجتمع الدولي بل وخرجت الأقلام
الرقيقة العاطفية لتتباكى على ماحصل وكأن المقتول شخص بريء أو كأن الثوار تحولوا
من أصحاب قضية وهدف إلى أصحاب أهواء وانتقام .
لا أيها السادة فما هكذا تورد
الإبل هل نسيتم أن هذه ثورة ولا توجد في العالم ثورة تفصيل كما يريدها البعض (
ثورة على كيفي وثورة على كيفك ) ومهمتنا فيها النصح إن أخطأ الثوار في الحكم وتوجيههم لا تعنيفهم
هم يدفعون دماءهم وأموالهم وراحتهم في سبيل عقيدة يحملونها وهم بشر يخطئون ويصيبون
فيهم العالمِ وفيهم الجاهل فلنترك التنظير ولنكون لهم عوناً وسنداً على الحق لا
سهاماً عبر أقلامنا وخدماً بدون أن نقصد للأعداء.
ينسى البعض أننا أصبحنا نخوض حرباً بكل ماتعنيه كلمة حرب من معنى فالأمر
لم يعد مجرد احتجاج لنخرج فيه بأغصان الزيتون والورود .
أصبحنا نريد أن نرضي الغرب الذي يخرج علينا تارة
بحجة حقوق الإنسان وتارة بحجة المعاهدات الدولية فهل نسينا أم تناسينا أنه أول من
خذلنا هو هذا المجتمع الدولي.
إلى متى سنظل تغلبنا سذاجة
العواطف ونضعها في غير محلها ؟
تباً للمجتمع الدولي ولحقوق
الإنسان المزعومة وللمعاهدات الدولية هل تعرفون أن الزعيم الفرنسي شارل ديغول
عندما قاد تحرير فرنسا من الألمان لما دخل باريس قتل ستة وثلاثين ألفاً من
الفرنسيين دون محاكمة بتهمة الخيانة العظمى فقط لمجرد التعامل مع الألمان ومازال
الفرنسيون أصحاب حقوق الإنسان يمجدون في هذا الرجل ولايعيبون عليه .
هذه ليست دعوة مني للتفلت أو
للانتقام بل بالعكس فنحن أصحاب عقيدة وأخلاق عمرها أكثر من ألف وأربعمائة عام ونحن
الذين قال عنا الغرب نفسه لم يعرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب.
أنا لن أدخل إلى الأمر من زاويته
الشرعية التي تجيز الأمر أو لا تجيزه فأصحاب العلم هم الأولى أن نسألهم ونستفتيهم
قبل أن نخوض مع الخائضين.
حتى لو تحذلق البعض من علماء السلطان
السابقين والمعروفين وحاول أن يتلاعب ليقنعنا بغير جواز الأمر إرضاء لجهات خارجية فيجب
أن نقف في وجههم لا أن نكون عوناً لهم.
إذا أراد أحدنا أن يتنطع على
الثوار فلينزل إلى الميدان وعندها فليقل مايريد وليطبق مايراه حقاً أما أن يخرج من
ينظِّر من المعارضين أو من مازال يحلم بالثورة السلمية وبالأفلاطونيات ليعنف أو
يشجب أو ينتقد فهذا لعمري هو الخيانة بعينها لدم الشهداء والأبرياء وخيانة لدم من
خرج بسلمية كاملة فدفع حياته ثمناً لها .
لو تعلمون حقاً كيف أصبحت معنويات
الشبيحة بعد هذا الأمر وما كان لها من الأثر لما تجرأ أحدنا أن يوجه حتى لوماً أو
عتباً .
إنها حرب لم نخترها بل فرضت علينا
ودفعنا إليها دفعاً والنبي صلى الله عليه وسلم يقول لاتتمنوا لقاء العدو فإذا
لقيتموه فاثبتوا .
انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً فإن
ظَلم فنصرُه في أن نعينه ونوجهه إلى وجهة الحق فهل سنكون عوناً لمن يخوض هذه الحرب
وسنداً له أم أصحاب سهام تطعن بالخلف بقصد أو بدون قصد فماذا ستقولون إذن إذا تم
القبض على العصابة ورئيسها ؟ وهنا أحب أن أورد مثالاً من تاريخنا الإسلامي الذي
لانعرف للأسف عنه إلا القليل:
" إنه يوسف بن تاشفين هو أحد
القادة العرب المسلمين الذي أنقذ الدولة الإسلامية في الأندلس من السقوط قبل 400
عام من سقوطها الذي نعرفه وقرأت في أحد كتب التاريخ للأستاذ شوقي أبو خليل عنه
وصفاً جميلاً عن عظمة هذا القائد أنقلها بتصرف ( إن كان صلاح الدين الأيوبي في
المشرق فإن يوسف بن تاشفين هو صلاح الدين في المغرب ) وقد يسأل البعض ماعلاقته بالأمر:
فاسمعوا ما قاله يوسف بن تاشفين في
أمر المعتمد بن عباد أحد ملوك الطوائف:
"يقولون، لنرحم الرجل فقد كبر سنه وذهبت دولته ولم يعد يملك من الأمر شيئا، وما سلّم حتى قَتل منا نفراً كثيراً ،وقد لقينا منه ما لم نلقَ من الروميّ ( أي الروم ) وجيشه، فما بالكم تذكرون آخر الأمر ولا تذكرون أوّله، وتذكرون العاقبة وتنسون الأسباب تتشفّعون لي فيه وتقولون،ارحموا عزيز قوم ذُل، وما ذُل حتى أذلَّ، وإنما إذلالُه إذلالَ رجلٍ واحد ، وكان ذله ذلَّ أمّة بأكملها " . انتهى .. ورحم الله القائد يوسف بن تاشفين .
"يقولون، لنرحم الرجل فقد كبر سنه وذهبت دولته ولم يعد يملك من الأمر شيئا، وما سلّم حتى قَتل منا نفراً كثيراً ،وقد لقينا منه ما لم نلقَ من الروميّ ( أي الروم ) وجيشه، فما بالكم تذكرون آخر الأمر ولا تذكرون أوّله، وتذكرون العاقبة وتنسون الأسباب تتشفّعون لي فيه وتقولون،ارحموا عزيز قوم ذُل، وما ذُل حتى أذلَّ، وإنما إذلالُه إذلالَ رجلٍ واحد ، وكان ذله ذلَّ أمّة بأكملها " . انتهى .. ورحم الله القائد يوسف بن تاشفين .
في النهاية أقول لاتجعلوا الثوار
يكفرون بكم ألم تروا لافتتهم في كفر نبل المكتوب عليها :
يسقط النظام وتسقط المعارضة .. تسقط
الأمة العربية والإسلامية ..يسقط مجلس الأمن .. يسقط العالم .. يسقط كل شيء.
فلتسقط كل الأقلام والحناجر التي
تحولت إلى خنجر يطعن بالثورة والثوار.
عاشت سوريا حرة أبية وماالنصر إلا من
عند الله
بقلم السيف الدمشقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
للتعليق